العناوين الرئيسية

قبل الحديث بالتفصيل عن مشروع القنطرة ، علينا التطرق الي طلاب باقي أقسام كليات اللغات والألسن الذين يدرسون إحدى اللغات لسنوات أربعة أو خمسة كإخوانهم في قسمي اللغة الإنجليزية والفرنسية, إلا أنه عند التخرج يكون ثمة فارق واضح في المستوى الذي وصل إليه طلاب الإنجليزية والفرنسية وذلك الذي أدركه طلاب باقي اللغات من ألمانية وأسبانية أو غيرهما, والذي غالبا لا يؤهلهم غالباً للعمل إلا في مجالات محدودة تٌعد على إصبعين اثنين!!

وترجع محدودية المستوى اللغوي لخريجي كليات اللغات والترجمة والألسن إلى أسباب عديدة, منها: الخطة الدراسية الموضوعة لهم, والتي يعتريها بعض العوار, مثل: نوعية التخصصات الدراسية التي درسوها في سنوات الدراسة, والترتيب الزمني لدراسة هذه التخصصات, والكمّ المقدم في المواد, ومحتوى ومقدار التشويق الموجود فيها. وكذلك طريقة التدريس والتي لا تزال تقوم على الطريقة التقليدية التلقينية! والتي قد لا يتوفر فيها أحيانا هذا التلقين!!

ولا نريد أن نلقي باللوم فقط على التدريس وطاقمه وإنما كذلك نصيب من اللوم يرجع إلى الطلاب وإلى مجهودهم الفردي, وسعيهم للتحصيل أو ميلهم للتكاسل!! فإذا توفرت لدى الطالب همة عالية دفعته إلى تحسين مستواه, بالانتظام في دورات خاصة “كورسات” خارج الكلية, وبالقراءة وتصفح الانترنت والتعرف على متحدثي هذه اللغة وإجراء محادثات معهم, وهذا يساهم كثيراً في رفع مستواه.

إلا أنه على الرغم من هذا كله فإن هذا المستوى المرتفع لن يتجاوز سقف القدرة على إجراء بعض المحادثات بفصاحة وكتابة بعض المقالات خالية من –أو قليلة- الأخطاء, ولن يصل بحال إلى القدرة على الترجمة الصحيحة الدقيقة إلا بعد العمل والتجربة لسنوات طويلة بعد التخرج!! وبالحديث عن الترجمة يمكنك الاطلاع عن مقالاتنا عن احتراف الترجمة في اللغة الألمانية من هنا


ولأن هدف دراسة أي لغة أجنبية ليس إيجاد دائرة عبثية, تقوم على إجادتها لمستوى ضعيف ثم تلقين هذا الضعف للأجيال القادمة, وإنما يُفترض فيها أن تؤدي دوريها الرئيسين:

1- التواصل بين الحضارات المختلفة, للتعرف على “إنسان” هذه المجتمعات, كهدف رئيس من أهداف الإنسانية: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]”, ومن ثم إيجاد علاقات قائمة على التفاهم والتقبل والتسامح!


2- الاستفادة المتبادلة من النتاج العلمي لكلا البلاد الناطقة باللغتين, فيأخذ كل طرف من الآخر ما يفده علمياً, وما يثريه أدبيا وما يرقيه روحياً, مما لا يتعارض مع مبادئه وأخلاقه وأفكاره.


ولتحقيق هذين الهدفين الرئيسين لا بد من تخريج طلاب قادرين -بدرجة ما- على الترجمة من وإلى لغتهم الأم, يكونون بمثابة نقاط تماس بين الحضارتين, و”قناطر” منها وإليها. ولإنشاء هذا الجيل لا بد من تعريف هؤلاء الطلاب بقدر مناسب من حضارة وثقافة اللغة المدروسة, وكذلك توفير المراجع اللغوية المناسبة باللغة الأجنبية وباللغة الأم, ناهيك عن إتقانهم للغتهم الأم نفسها. وهذا ما سنحاول القيام به في هذه المجموعة باللغة الألمانية.


ولأني كنت واحداً من أولئك الذين درسوا وتخرجوا في كلية اللغات والترجمة, في قسم اللغة الألمانية (شعبة: الدراسات الإسلامية) وعانيت –مثل غيري من الزملاء- من نقاط الخلل والنقص في دراستنا, مثل عدم تعمقنا بالقدر الكافي في الثقافة الألمانية ولا تعرفنا عليها كما ينبغي, وإنما أُعطينا من كل بستان زهرة … بدلاً من باقة!! وعدم وجود المراجع الكافية بلغتنا العربية! ناهيك عن عدم الدقة في أكبر مرجع ألماني/ عربي: قاموس: جوتس شراجله.

ولأن الأوضاع لم تتغير كثيراً بعد تخرجي في الكلية, وإنما بقى الحال على ما هو عليه! خريجون غير قادرين على المحادثة ولا الكتابة السليمة, ناهيك عن القدرة على الترجمة!

ولأن اللغة الألمانية –المشابهة للعربية في كثير من النواحي- غير مخدومة كما تستحق, ولأن الله الوهاب أنعم علي منذ صغري ب “حس لغوي” قوي, وهداني إلى إطلاع مبكر بدء مع الصف الثاني الابتدائي, رأيت أن أبدأ مشروعاً لغويا كبيراً يعمل على خلق جيل من الخريجين القادرين على الترجمة من وإلى الألمانية وهو مشروع القنطرة, ويقوم مشروع القنطرة هذا على شقين:

1- شق دراسي, أقوم فيه بتدريس اللغة الألمانية لطلاب اللغات والترجمة والألسن, مبسطاً إياها لهم, ومبرزاً للمبادئ العامة لها ولنقاط التشابه والاتفاق بينها وبين الإنجليزية والعربية, ولن يقتصر التعليم على دراسة القواعد أو الترجمة أو المحادثة وإنما سيتعداه كذلك إلى التعريف بالثقافة والتاريخ الألماني والأوروبي, الضروريين في فهم واستيعاب الآخر!

ولذا قد نضيف بعض المقالات أو الروابط الهامة النافعة في هذا المجال على “الجروب” حتى يتسنى لهم قراءتها أو تنزيلها.
ولن يقتصر التدريس على اللغة الألمانية وإنما سيتعداه كذلك إلى اللغة الأم: العربية, والتي سنعمل على أن يدرسوا منها حصرا ما يحتاجون كطالبي لغات وكمترجمين, محاولين إنشاء “منهج لغة عربية لطالبي اللغات الأجنبية”.

2- شق بحثي معجمي, وسيكون -بإذن الله- عملاً مشتركاً بيني وبين الطلاب, نحاول به القضاء على الصعوبات التي يواجهها متعلمو اللغة الألمانية, بإنشاء “معاجم متخصصة” صغيرة, مثل: “معجم المترادفات والفروق”, فنجمع الكلمات التي تُصنف كمترادفات لأخرى, مع تبيان المعاني الأصلية للمفردات والفروق بينها, حتى يمكن استخدامها بشكل دقيق.
ولأن “البوادئ” تمثل مشكلة واضطراباً لمتعلمي اللغة الألمانية, حيث يقابل متعلم الألمانية الكلمة مقترنة بالعديد من البادئات, مع اختلاف واتفاق بين معنى الكلمة مجردة ومعناها مع البوادئ

وكثيراً ما يجد المتعلم أن المعاجم تقدم معنى واحداً للكلمة مجردة ومزيدة, لذا سنعمل على إنشاء “معجم البوادئ”, والذي سيحوي أهم المفردات التي تقابل متعلم اللغة الألمانية, مصحوبة بالبوادئ التي تقترن بها.

ولأن الثروة اللغوية الألمانية لها بعض الخواص المميزة, مثل: وجود العديد من المفردات متقاربة المعنى, والتي غالباً ما تترجم بمعنى واحد, فسنحاول أن نعطي كل مفردة مقابلاً عربياً واحداً هو أقرب ما يكون إلى مدلولها الأصلي! وكذلك تتميز بوجود مفردات ليس لها مقابل باللغة العربية, وتُرجمت ترجمة غير دقيقة, ترتب عليها استخدامها تبعاً للمقابل العربي وليس للمعنى الألماني الأصلي, لذا سنحاول تقديم “تعريب” جديدٍ لهذه المفردات يكون أكثر دقة من السابق!

وحتى لا تكون دراسة اللغة الألمانية دراسة جافة, ولأن كثيراً ما أغنت الصورة عن “مقال”, ولأن ارتباط الاسم بالشيء يساعد على تثبيته في الذهن أكثر من مجرد تقديمه ككلمة مقابل كلمة في لغة أخرى, سنعمل على إنشاء “معجم مصور ألماني/ عربي” تقوم فكرته على تقديم صور لأكبر قدر ممكن من المجالات الحياتية المحيطة بنا والآلات التي نحتك بها ونستخدمها, مع وضع أسهم تحتوي مُعرفها باللغتين العربية والألمانية.

ولأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات شهدت طفرة في السنوات الأخيرة, وأصبحت من أساسيات الحياة اليومية, مثل الحاسوب والهواتف الذكية والإنترنت, وأصبحت لها لغة مخصوصة متداولة –خاصة بين الشباب, وهي مما لا يتعرض له متعلمو اللغات الأجنبية من قريب أو بعيد في الجامعات, لذا سنعمل بإذن الله على إنشاء “نواة قاموس تكنولوجيا المعلومات” والذي يُعنى بالدرجة الأولى بلغة الحاسوب والإنترنت والهواتف الذكية, حتى لا تظل من المبهمات.

ولأن مجالات الحياة عديدة ومن أهمها: مجال العمل! والذي يتفق مع نظيره العربي في قليل من الوظائف التي تتفق في الاسم وتختلف في المضمون, ناهيك عن كثير من الوظائف الأخرى التي لا مقابل لها في العالم العربي, لذا سنعمل على التعرف على هذه الوظائف والتعريف بها, وربما ييسر الله ونعمل على إدخالها في عالمنا العربي.

ولن يقتصر تناولنا بإذن الله لمجال العمل على أسماء الوظائف وطبيعتها, وإنما سنحاول -في مرحلة لاحقة- أن تناول عنصرها الرئيس وهو: الآلة, محاولين تعريب أجزاء أشهر الآلات والتعبيرات المستخدمة في تدويرها وتصليحها وكتيبات استخدامها… الخ, وسيساعد هذا كثيراً على فتح أسواق جديدة للآلات الألمانية في بلادنا العربية.

وثمة مجالات أخرى ذات أهمية في الحياة مثل السياسة والاقتصاد وغيرهما, سنعمل بإذن الله في مراحل لاحقة على تناولها والتعريف بها –إن يسّر الله وأعان-

والهدف الذي نسعى لتحقيقه من خلال مشروع القنطرة هذا هدف كبير, لا يمكن أن يقوم به واحد بحال ولا حتى مجموعة صغيرة, وإنما يحتاج لأكبر عدد ممكن من المتعاونين من الطلاب, وكلما ازداد العدد كلما أثمر أسرع. وحتى لا نحمل الطلاب هموماً فوق هموم الدراسة فسيكون العمل في المشروع في فترة الإجازة الصيفية, استغلالاً لتلك الفترة, وإذا أراد بعضهم الاستمرار في الدراسة تطوعاً فليس ثمة مانع.


وسيكون العمل والإنتاج جماعياً فسواء اختيار المشروع الذي سنبدأ به أو حتى الاستقرار على ترجمات لكلمات بعينها (إذا حدث تنازع وعدم تقبل للترجمة من بعض المشاركين) سيكون بالتشاور مع وجود دور لي في الترجيح وفض النزاع

وسيكون دوري في هذا العمل هو اختيار المواد “المفردات” وتقديمها للمشاركين, وتوجيههم لطريقة تناولها ثم مراجعة المعالجات التي قام بها المشاركون (وإذا حدث ووجد بعض المشاركين مواداً تستحق التناول فسيتم عرضها وتناولها)
والأعمال التي سنقوم بإنتاجها ستُجمع وتُطبع على هيئة كتب, فإن يسر الله وأعان, فربما يُكتب لها الصدور ككتاب تجاري يوضع عليه أسماء كل العاملين فيه, (وسنعمل جاهدين على تحقيق هذا)

وإن لم يُيسر فسنعمل على إصدارها ك: تطبيقات/ أبليكشنز, يمكن تحميلها على الهواتف المحمولة والاستفادة منها, وخاصة أن الإنتاج الذي سنقدمه في كل فرع من هذه الفروع قد لا يكفي ليكون كتاباً كاملاً, ولكنه قد يصلح ليكون نواة يُبني عليها ويكملها الآخرون, لذا فقد يكون مناسبا ك: “تطبيق”.

مشروع القنطرة


الفوائد التي ستعود على المشاركين في مشروع القنطرة


أولها: الثواب من الله على نفعهم أنفسهم وإخوانهم وكذلك رفعة شأن بلدهم.

ثانيا: ارتفاع مستواهم هم من خلال بحثهم وعدم تركهم اللغة في الإجازة الصيفية وتعرفهم على مجالات جديدة لم يكونوا سيرونها بحال.

ثالثا: التعود على البحث والكتابة بلغة أجنبية, ومن يبحث يجد كنوزاً قد لا تكون هدفه من البحث, ولكنها تنفع في ساعة من الساعات!

رابعاً: اكتشاف مجالات جديدة في الحياة العملية, ربما تغير مسار حياته تفتح له باباً جديداً في العمل يكون رائداً فيه غير مسبوق, أو تمكنه من العمل في المنزل إذا لم يكن هناك ثمة مجال للعمل بالألمانية في بلده أو منطقته.

خامساً: توسيع الأفق وتغيير النظرة, مما يترتب عليه رفع روح التفاؤل والحماسة والقضاء على التكاسل والإحباط, واحترام المرء لذاته عندما يجد نفسه قد أتى بما لم يأت به الأوائل!! أو على الأقل عندما “يبدع” في مجال مميز.

شروط المشاركة في مشروع القنطرة

وللمشاركة في مشروع القنطرة شرط واحد أن يُقسم المشارك قبل بدء العمل على أنه سيعمل قدر المستطاع ولن يتكاسل, وسيؤدي ما عليه إلا إذا منعه مانع, وسنعمل بإذن الله على أن يكون القدر الذي يأخذه كل مشارك غير كبير, وألا يجبره على العمل والبحث كل يوم, وإنما لفترة قصيرة في أيام معدودة في كل أسبوع. وإذا حدث وظهرت ظروف قاهرة لأحد المشاركين تمنعه من الاستمرار فعليه إعلامنا بما قام به وأين توقف حتى يكمله غيره.

وأي عمل سيقوم به أي مشارك في مشروع القنطرة سيقوم بوضعه على “الجروب” ويقوم بإرساله لي في ملف ورد منسقا, وسأضعه في ملف خاص به على حاسوبي. وربما تحتاج بعض الأعمال إلى “فوتوشوب” وسأتكفل أنا بهذا الأمر, وفي هذه الحالة تُرسل إلي أولاً وأقوم أنا بمعالجتها ثم أضعها في الجروب مصحوبة بشكر لمن قام بها.

ونحن نأمل بهذا مشروع القنطرة أن نفلح في إخراج بعض الأفراد القادرين على الإبداع باللغة الألمانية, يكونون نافعين لأنفسهم وأهليهم وبلادهم, وأن ينفع الله بنا وأن ينفعنا ويتقبلنا ويتقبل منا وييسر لنا ويبارك لنا وعلينا إنه سميع قريب مجيب.

شارك على مواقع التواصل
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on print
Share on email
مقالات شبيهة